الراتب التقاعدي من حق من و متى ؟ هل هو حكر على موظفي الدولة ؟
كثيرٌ من السوريين يعتقدون أن الراتب التقاعدي حكرعلى موظفي الدولة !!
ربما كان لانتشار هذا الاعتقاد أسبابه، إلا أن موظفي القطاع الخاص يمكنهم أيضاً الحصول على رواتب تقاعدية، تماماً كموظفي القطاع العام، حيث يضمن لهم قانون العمل السوري إلزام أصحاب الأعمال (شركات بأنواعها مساهمة أو تضامنية أو محدودة المسؤولية، مؤسسات فردية، تجاراً، وصناعيين، ...) بتسجيل العاملين لديهم في مؤسسة التأمينات الاجتماعية، وهي مؤسسة حكومية تتبع لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
تقوم مؤسسة التأمينات الاجتماعية بدورها بتأمين العاملين ضد الحوادث و العجز و المرض و تقدم لهم راتباً تقاعدياً عند بلوغ الـخامسة و الخمسين مع إكمال عشرين سنة عمل مسجلة لديهم، أو الوصول إلى سن الــستين مع خمسة عشر سنة عمل في حال كانوا رجالاً، أما إن كانوا نساءً فيحق لهم الراتب التقاعدي في سن الخمسين أو الخامسة والخمسين مع عشرين أو خمسة عشر سنة على التوالي، كما تعتمد قيمة الراتب التقاعدي على قيمة الراتب المسجل في آخر خمس سنوات (يقارب الراتب التقاعدي ثلاثة أرباع متوسط الراتب المسجل)، و لا يعتد بزيادات الراتب المفاجئة التي قد تحدث في خمس السنوات الأخيرة من العمل، و التي يجب ألا تتجاوز 15% كل سنتين حسب قانون التأمينات المعتمد حتى تاريخ اللحظة.
و في حال قام صاحب العمل بتسجيل الموظف في التأمينات يتوجب عليه دفع 17% من راتب العامل للمؤسسة، أما العامل نفسه فيتوجب عليه ما مقداره 7% من راتبه الأساسي، و قد يكون هذا هو السبب في أن بعض أصحاب الأعمال قد يتخلف عن تسجيل عماله، لكنه لا يبرر بأي حال من الأحوال التفريط بحق العامل في أن يحصل على مصدر دخل يعتمد عليه بعد انتهاء سنوات خدمته
إن التزام أصحاب الأعمال بتسجيل جميع العاملين لديهم في المؤسسة بالراتب المناسب لقيمة أعمالهم في سوق العمل ولقيمة عمل أقرانهم في الشركة نفسها، هو أحد أهم الواجبات الإنسانية والمتطلبات القانونية، و هو تعبيرعن اهتمامهم الصادق بحياة ومستقبل العاملين، و يكسبهم ولاء و حماس الموظفين الذين سيشعرون بالاحترام و الأمان الذي يترجم بمنافع مالية للشركة كما تثبت الدراسات الحديثة، إنه اعتراف بجهود وعقول و قلوب هؤلاء الذين يقدمونها في سبيل نماء الشركات التي يعملون فيها وازدهارها.
كما أن التكاليف التي تتكبدها الشركات سنوياً من جراء إعادة التوظيف وإعادة التدريب للعاملين الجدد، بل وتوقف العمل وفرص البيع الضائعة بسبب العاملين غير الماهرين اللامبالين، كبيرة و قد يتم تفادي جزء كبير منها في حال تم تسجيل العمال في التأمينات نظراً للأثر الإيجابي الذي يتركه ذلك في نفسيتهم و زيادته لولائهم
إن الشركات الخاصة التي تنهج نهج المؤسسات الحكومية في تأمين العاملين وتمكينهم من رواتب تقاعدية، جنباً إلى جنب مع الاهتمام بتطويرأداءهم و زيادة انتاجيتهم، ستتمكن من الاحتفاظ بموظفيها و مهاراتهم، وتأمين خدمة عالية الجودة لعملائها، بل و سيسود جو من المحبة والولاء، وستكسب هذه الشركات سمعة حسنة في المجتمع تزيد من محبة الزبائن لأعمالهم، ورغبة العاملين في العمل لديهم، سيقدر الجميع القيم العالية التي تعمل وفقها هذه الشركات ويرغبون في زيادة نجاحاتها.
م. هدى الميداني ،MBA
مستشار في إدارة الموارد البشرية - شركة سرياجوب